القائمة الرئيسية

الصفحات

الشبكات الاجتماعية: ثورة التواصل ووسائل للإصلاح أم الهدم؟

الشبكات الاجتماعية: ثورة التواصل ووسائل للإصلاح أم الهدم؟

مما لا شك فيه أحدثت شبكات وتطبيقات التواصل الاجتماعي في العالم وتحديداً في المجتمعات العربية ثورة تقنية هائلة على مستوى التطور التكنولوجي والصعيد الإعلامي والتواصل ما بين الأفراد؛ وذلك نتيجة للإقبال منقطع النظير والانتشار الواسع.

وعلى الرغم من أن تلك الشبكات الاجتماعية تتمتع بالكثير من المميزات الإيجابية ولديها مؤيدين وأنصار كثر، إلا أنها في الوقت ذاته تعتبر محط جدل واستياء الكثيرين بسبب نشر مستخدميها للمعلومات المغلوطة التي لا يمكن التحقق من صحتها فضلاً عن نشر الشائعات والأكاذيب وعبارات غير لائقة ومقاطع وصور مخلة بالآداب والعنصرية تحت إسماء مستعارة وهمية.

ثورة تقنية هائلة

حققت شبكات التواصل الاجتماعي وعلى رأسها تويتر وفيس بوك وإنستغرام ويوتيوب وسناب شات تغييرات هامة وجذرية على كافة المجالات والمستويات في العديد من الدول العربية والعالمية، ولكنها في ذات الوقت قد تثير التساؤلات والشكوك وتوجد مجال للفوضى والاضطراب نظراً لصعوبة التأكد من مصادرها وفحوى ما يتم نشره بداخلها.

تعد مواقع التواصل الاجتماعي من أحدث منتجات تكنولوجيا الاتصالات وأكثرها شعبية عبر شبكة الإنترنت، رغم أن هذه المواقع أنشئت في الأساس للتواصل الاجتماعي بين الأفراد والتواصل بين الأصدقاء، إلا أن استخدامها أمتد ليشمل أنشطة ومجالات متنوعة في المجتمع، من خلال تداول المعلومات الخاصة والتوعية والأخبار والمحادثات والتسويق والخدمات العامة.

وقد أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي اليوم منصة لا غنى عنها وتقوم بدور هام ومختلف وحيوي أيضاً في مجالات مختلفة ومتنوعة، فضلاً عن كونها أداة مؤثرة من أدوات التغيير الاجتماعي.

ثقافة الشبكات وسوء الاستخدام

تعتبر مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة بأنواعها بحد ذاته مساحة وفرصة تواصل وبناء العلاقات الإنسانية بين كافة الأفراد والأصدقاء من سائر البلدان حول العالم، بهدف تبادل الثقافات والخبرات والتجارب بين المجتمعات، كما أنها توفر فرصة للتفاعل الحضاري مع الثقافات المختلفة كالثقافة الغربية الأوربية أو الأمريكية وغيرها من الثقافات والحضارات، إضافة لذلك هي فرصة ملائمة لتطوير الذات واكتساب مهارات ومعارف من الممكن أنها قد تثري تجربة كل شخص.

وتختلف ثقافة استخدام الشبكات الاجتماعية في العالم العربي شأنه لدى الغرب، والتي تأخذ أبعاد أخرى ولها مفاهيم مختلفة وهي تمثل انعكاس لحياة الكثير من المجتمعات وقد يفهم منها على أنها فرصة للتسلية وهدر الوقت أو الهروب من الواقع في كثير من الأحيان.

ويرى البعض أن مفهوم التكنولوجيا والشبكات الاجتماعية بمعناها الشامل لم يخلو من الأوجه السلبية لدى كثير من الأشخاص بصفة عامة، حيث يستخدم وسائل الاتصال والتقنية الحديثة وشبكات وتطبيقات التواصل الاجتماعي دون أن تكون له رؤية واضحة وهدف محدد يعمل من أجله، فضلاً عن تقديم رسالة سامية يسعى إلى إيصالها.

وعلى الرغم من أن العديد من مستخدمي تلك المواقع لديهم توجهاً آخر في استخدام الشبكات ووسائل التقنية بشكل إيجابي في مجالات التعليم والثقافة والإعلام والدعاية والتسويق والصحة الخ..، إلا أن الواقع يؤكد هذه الفرضية والتي تتعلق بضعف مفهوم ثقافة استخدام الشبكات الاجتماعية لدى العديد من المستخدمين، نتيجة لسوء استخدام وسائل الإعلام الجديد في مناقشة القضايا الاجتماعية والثقافية وبسبب عدم إدراك شريحة كبيرة من المجتمع لمساوئ ومحاسن هذه الوسيلة.

إصلاح وبناء

إن ما نعيشه اليوم من انفتاح عالمي وثورة معلوماتية وتقنيات حديثة هي سلاح ذو حدين، إذا أخذنا بعين الاعتبار ما ينشر من خلالها، حيث لو تم تسخيرها لنشر الخير وتعليم الآخرين وتدعيم الأخلاق والقيم الفاضلة وإرساء العقيدة الصحيحة كانت وسيلة فعالة ومميزة لا تضاهى في عملية الإصلاح والبناء.

وتتنوع مجالات استخدام الشبكات الاجتماعية، نظراً لما تتميز به تلك الشبكات من مميزات وخصائص متنوعة وكثيرة بذات الوقت، كالعالمية والتفاعلية وتنوع وسهولة الاستخدام والتوفير الاقتصادي وفي الجهد واستخدام وسائط الفيديو والصور وحفظ الحقوق، حيث تستخدم في مختلف وشتى المجالات كالتعليم والتربية والدين والاقتصاد والسياسة والرياضة والثقافة والفنون والاجتماع والنفس والإعلام وغيرها من المجالات.

تجارة هدم الأخلاق

وفي الجانب الآخر والمتعلق بثقافة استخدام هذه الشبكات الاجتماعية، والتي لو تم تسخيرها بشكل سيء وغير صحي كانت شراً وبلاء وخطيراً يهدم الدين ويحطم الأخلاق ويدمر القيم ويثبط العزيمة والهمم، ويجر الأمة نحو الانهيار والتحلل وضياع الهوية وإهمال مصالحها في الدارين الدنيا والآخرة.

ولقد أصبحت بعض هذه الشبكات الاجتماعية والمواقع الإلكترونية عامة إلى ساحةٍ لمعركة كبيرة تستهدف أجيال هذه الأمة، فتحولت من شبكة لخدمة العلم والعلماء والباحثين إلى شبكة لتجارة الجنس والترويج للإباحية ونشر المواد المخالفة للآداب، ونحن لا ننكر فوائد هذه الشبكة إذا استخدمت للعلم والفائدة.

ولكن للأسف أن معظم الشبان والفتيات يستخدمونها في الشر والفساد، فكثير من المواقع على شبكة الإنترنت أصبحت تروِج للمجون والخلاعة، وأصبحت تزحف علينا بشر وبلاء متزايد يوماً بعد يوم، حتى وصل الأمر إلى تشكيك الشباب في عقيدتهم بعرض الفرق المنحرفة لمحاربة الإسلام وإيقاف مده وتشويه حقائقه والتلبيس على المسلمين وتشكيكهم في دينهم، وزعزعة الإيمان بنشر الشبهات للتشكيك في المبادئ والقيم، والإساءة إلى الدين والقرآن والرسول صلى الله عليه وسلم، فدخل من خلالها الشيطان وأعوانه إلى هؤلاء الشباب والفتيات وأوقعوهم في أوكار الرذيلة.

وإذا كان بعض الكبار ينحرف أثناء استعماله لها فما بالك بالشباب والصغار وطغيان الشهوة الشابة لديهم؟،وما وقع من وقع من شبابنا في فتنة التكفير والتفجير وانتشار كثيرٍ من المجون والفساد في المجتمع إلا بسبب هذه الشبكة التي فتكت بالعقول والأفكار وقضت على كثيرٍ من الأخلاق والقيم وظهر من خلالها ما يعرف بالإرهاب الإلكتروني.

إن لهذه التقنية الحديثة أثر كبير في ضعف العلم والثقافة عند الأجيال، فانظروا إلى مستويات التعليم في مدارسنا كيف أصبحت، وانظروا إلى مستوى الثقافة والقراءة عند أبنائنا كيف اضمحلت وتلاشت، لقد أثرت هذه التقنية على كثير من أبنائنا مما تبثه شبكة الإنترنت من إباحيةٍ بصورة لا تكاد تتخيل، تدع المرء حيران وصاحب الهم يزداد هماً، فماذا نفعل أمام هذا الإعصار الهائج الذي لا يبقي في طريقه ولا يذر خلية حية إلا أصابها إلا ما رحم ربي.

خلاصة الكلام

عموما نحن لسنا ضد استخدام مواقع التواصل الاجتماعي وإن كانت بقصد الترفيه مالم يتم استخدامه بشكل سلبي، وعلينا أن نحترم ثقافة كل إنسان وطريقة تفكيره حتى لو لم تروق لنا وليس هذا هو الهدف من طرح الموضوع، وبالعكس تماماً أنا من أكثر المهتمين في مجال التقنية الحديثة وشبكات التواصل الاجتماعية والتي أرى فيها مميزات لا تحصى ولكن شريطة استخدامها في العمل والتعلم والإصلاح وبناء الوطن، وليس أن تكون منبراً يدعو إلى الإرهاب والعبث والتخريب والهدم والقتل والتطرف.

التنقل السريع